قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
شرح كتاب الآجرومية
96842 مشاهدة
النوع الأول: الخفض بالحروف

...............................................................................


المخفوض: مخفوض بالحرف، ومخفوض بالإضافة، وتابع للمخفوض.
أما المخفوض بالحرف فهو الذي يخفض بحروف الخفض، بحروف الجر، وهي كثيرة. قد عدها بعضهم عشرين حرفا، في ألفية بن مالك يقول:
هـاك حـروف الجر وهي من إلى
حتى خلا حاشا عدا في عن على
مذ منذ اللام والكاف... أوصلها إلى عشرين، وإن كان بعضها محتملا، مثل: خلا، وعدا، وحاشا. قد تقدم في بعض الاستثناء أنها تخفض، أو تنصب، إذا قلت مثلا: قام القوم خلا زيدا، أو خلا زيدٍ، وإذا قلت مثلا: قرأت السورة عدا ورقةً، أو عدا ورقةٍ. قرأت الجزء حاشا آيةً، أو حاشا آيةٍ. يجر بها وينصب بها، منهم من يختار النصب، وكأنه هو الأشهر، ومنهم من يختار الجر، أي: الخفض.
نقول أما مِنْ : فمن معانيها الابتداء؛ لأنها حرف، فإذا قلت مثلا: خرجت من المسجد، فتقول إن من: حرف جر، وإنها تدل على الابتداء، وإنها تجر الاسم الذي تدخل عليه، فهنا مثلا: المسجد، دخلت عليه مِنْ، فَخُفِضَ آخرُه، خرجت من المسجدِ، وكذلك إذا قلت مثلا: أكلت من الطعام، فالطعام هنا مخفوض لدخول الحرف عليه.
أما حرف إلى فيقولون من معانيه: الانتهاء، أنت مثلا إذا قلت: سرتُ إلى المدينة، أو مشيتُ إلى البيت، فإلى يقال لها: حرف انتهاء، تدل على الانتهاء. إذا قلت مثلا: يتعلم المسلم إلى الموت، يعني: ينتهي تعلمه بالموت، ويكون الموت مجرورا بإلى، وهي تدل على الانتهاء.
وأما: عن فمن معانيها: المجاوزة، إذا قلت مثلا: أزلتُ، أو رميتُ السهم عن القوس، يعني: جاوزه، السهم كان ملاصقا في القوس، فرُمي به عنه. وكذلك إذا قلت: كشفتُ الثوبَ عن الطعام، رفعتُ الغطاءَ عن الإناء، هاهنا عن للمجاوزة، يعني أنه تعدى وجاوز المكان الذي كانت عليه. كذلك حرف على مشتق من العلو، تستعمل للعلو، وتأتي حرفا، وتأتي فعلا، قال تعالى إنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ علا: يعني تَرَفَّعَ، فهاهنا فعلٌ ماضٍ. وأما قوله: خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فعلى هنا: حرف عُلُوٍّ، يعني: صار الختم عاليا على القلوب. وكذلك إذا قلت مثلا: صعدت على الجبل، أو على السطح، فعلى هنا من معانيها العلو الذي هو الارتفاع.
وأما في فالأصل أنها حرف جر، ولكن تستعمل للظرفية، من حروف الظروف. الظرف أصله: الوعاء الذي يُجْعَلُ فيه غيرُه، فتقول مثلا: الجماعة في المسجد. المسجد أصبح ظرفا لهم، يعني: احتواهم. وكذلك إذا قلت: الكتابة في المصحف، المصحف ظرف للكتابة. وهكذا إذا قلت: الماء في السقاء، أصبح السقاء ظرفا لهذا الماء. فمن معانيها: الظرفية.
من حروف الجر: الكاف واللام والباء، الباء لها معان كثيرة، منها أيضا: الآلة، فإذا قلت مثلا: ذبحت الشاة بالسكين، أو قطعت الحبل بالسكين، فهاهنا تدل على الآلة التي يُسْتَعْمَلُ بها، دخلت الباء عليها. عرفنا أيضا أن الباء تكون من حروف القسم، يعني الْحَلِف، فإذا قلت مثلا: أحلف بِرَبِّي، أو حلفت بسم الله، فالباء حرف قسم، ومع ذلك فإنها تجر الْمُقْسَمَ به، في قوله تعالى: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ الباء دخلت على الاسم الشريف، فَجُرَّ، وعلامة جره كسر الهاء تأدبا.
وأما الكاف فإنها من حروف الجر، ولكنها تدل على التشبيه، قالوا: سئل أنس هل وجه النبي صلى الله عليه وسلم كالسيف؟ فقال: بل كالقمر. كالسيف: الكاف دخلت عليها، فصار مجرورا، كالقمر، القمر مجرور بالكاف، الكاف حرف تشبيه.
اللام من معانيها الملك أو الاستحقاق، فإذا قلت مثلا: المال لـ سعد، أو المنزل لـ خالد، اللام حرف جر، وتدل على الملك. أي أن هذا مملوك له، هذا البيت مثلا، أو هذا المال مملوك لزيد، فزيد مجرور باللام. وإذا قلت مثلا: الجلُّ للفرس، أو القيد للبعير، فهاهنا اللام حرف جر. ومن معانيها: الاختصاص، أي أنه يختص به، أن هذا القيد مختص بالبعير، هذه تسمى حروف الجر.
كذلك مذ ومنذ، إذا قلت مثلا: سرت مذ يوم الجمعة، أو إذا قلت مثلا: أنا عندك منذ اليوم، فمذ ومنذ دخلت على هذا الاسم، فأصبح مجرورا بهذا الحرف.
وبواو رُبَّ، هناك واو تقوم مقام رُبَّ. معروف أن رُبَّ من حروف الجر، وهي تدل على التقليل، تقول: رُبَّ رجل صالح لقيته، من معانيها التقليل.
أما الواو التي بمعناها، فهي أيضا تدخل على بعض الأسماء، وتعمل فيها عمل رُبَّ.
لا شك أن حروف الجر تعمل في الاسم، أنه يُجَرُّ آخرُه، وهذا خاص بما إذا كان منصرفا، وأما إذا لم يكن منصرفا فإنه يفتح، فإن قول الله تعالى قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ دخلت إلى على إبراهيم ولم تجره، لماذا؟ لأنه لا ينصرف، إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ثم قال: وَالْأَسْبَاطِ الأسباط مجرور، الذي قبله غير مجرور، لماذا؟ لأنه ممنوع من الصرف، للعلمية والعجمة، ومثله قوله تعالى وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إذا قلت مثلا: أنزل على داودَ لم يجر، على: حرف جر، ومع ذلك ما عملت فيها لأنه لا ينصرف، فالجر الظاهر إنما هو خاص بما ينصرف. وأما الذي لا ينصرف فإنه مجرور تقديرا.